منير/ع/برهوم
نشأة الصخور النارية والنشاطات البركانية
نشأة الصخور النارية :
تعتبر الماغما أصل الصخور النارية. وهي تنشأ من أسفل القشرة الأرضية أعلى الستار العلوي للأرض .
الماغما هي صهير سيليكاني يتكون من عناصر السيليكون والألومنيوم والحديد والمغنيسيوم والكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم بالإضافة إلى الأكسجين , وغازات ذائبة وعلى رأسها بخار الماء وثاني أكسيد الكربون.
تكون الماغما في حالة حركة عشوائية ( لأنها في الحالة السائلة مع وجود كمية قليلة من المواد الصلبة).
يعود سبب نشأة الماغما في هذه الأماكن من الكرة الأرضية إلى وجود درجات الحرارة العالية والضغط المناسب السائدين هناك مما يؤدي إلى الانصهار الجزئي لصخور أعلى الستار العلوي وأسفل القشرة الأرضية و بالتالي تكون الماغما.
ويعود سبب ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادتها بازدياد العمق وهو ما يسمى " المعامل الحراري الأرضي " والذي يبلغ معدله 30ْ لكل كيلومتر واحد في العمق بداخل القشرة الأرضية. والسبب الآخر يرجع إلى وجود تركيز عالٍ للعناصر المشعة في معادن الصخور مثل عنصر اليورانيوم , والتي تضمحل مع الزمن وتتحول إلى عناصر أخرى ، كالرصاص الذي ينتج من اضمحلال اليورانيوم ، ويصاحب ذلك انطلاق للطاقة على شكل حرارة.
نشأة الصخور النارية :
تكون الماغما الناشئة في أعلى الستار العلوي ماغما قاعدية , والماغما الناشئة في أسفل القشرة الأرضية ماغما وسطية أو حمضية، وهذا التصنيف يعتمد على كمية السيليكا ( SiO2) في الماغما كما ذكر سابقاً.
وكلا النوعين من الماغما له كثافة أقل من كثافة الصخور المحيطة بهما والتي تعلوهما. و بسبب الكثافه الأقل ، بالإضافة إلى ضغط الغازات المذابة فيها, فإن للماغما قدرة على الارتفاع إلى أعلى. ويساعدها في الارتفاع أيضاً , وجود شقوق أو صدوع في الصخور التي تعلوها , كما أن الماغما تشق لها طريقاً إلى الأعلى عند إذابة أو صهر الصخور التي تعلوها.
و كما تشاهد هنا تنطلق الماغما إلى الأعلى وتتجمع عادة بداخل القشرة الأرضية في أماكن يطلق عليها اسم حجرة الماغما.
وتواجه الماغما المتجمعة في حجرتها أحد الاحتمالين التاليين : إما أن تواصل الإرتفاع وتخترق الصخور التي تعلوها حتى تصل إلى سطح الارض وتكون عندها المسؤولة عن النشاطات البركانية. , أو أن تنتشر جانبياً خلال صخور القشرة الأرضية وتبقى هناك حيث تتصلب ولا تصل إلى سطح الأرض
النشاطات البركانية :
عندما تصل الماغما إلى سطح الأرض تخرج من شق في الأرض أو فوهة البركان , ثم تنتشر فوق سطح الأرض قبل أن تبرد فتتصلب, أي تتبلور منها المعادن المختلفة لتكون صخوراً تسمى الصخور النارية السطحية .
ينتج عن خروج الصهير إلى سطح الأرض نشاطات وظواهر بركانية متعددة ، فمثلاً قد يخرج الصهير مكوناً جسماً مخروطياً ، وقد يخرج من شق أو عدة شقوق في الأرض دون أن نشاهد مخروطاً واضحاً . أما من حيث طريقة خروج الصهير فقد يكون الخروج عنيفاً مصحوباً بانفجارات ، وقد يكون لطيفاً هادئاً نسبياً . فما الذي يحدد ذلك ؟
في الحقيقة يرجع ذلك إلى نوع الماغما , وبالتحديد لزوجتها التي تعتمد على كمية السيليكا ( SiO2) فيها ودرجة حرارتها.
فكلما ازدادت كمية السيليكا في الماغما زادت لزوجتها وقلت قابليتها على الانتشار أو الانسياب, لأن للسيليكا خاصية تماسك جزيئاتها ببعضها وبالتالي إعاقه أو تبطيء الحركة. وفي المقابل كلما قلت كمية السيليكا في الماغما قلت لزوجتها وبالتالي زادت قابليتها للانسياب والانتشار وزادت سرعتها. قارن بين لزوجة الماء والزفت ( القار ).
تعمل زيادة درجة الحرارة على تقليل اللزوجة , فالماغما ذات درجة الحرارة العالية لها قدرة على الانسياب أعلى من تلك ذات درجة الحرارة الأقل. وتبعاً لذلك, تتكون النشاطات البركانية التالية.
طفوح الشقوق :
تشاهد هنا خروج الماغما من شق في الأرض وانتشارها على جانبي الشق وتغطيتها مساحات كبيرة من سطح الأرض ثم تبريدها السريع وذلك للفرق الكبير بين درجة حرارتها ( 1000 ـ 1300ْ م ) ودرجة حرارة الجو ( 30 – 50ْ م ) وينتج من تبريد الماغما ما يشبه الطبقة من الصخور النارية السطحية تسمى دفق اللابا ( لأن الماغما عند وصولها سطح الأرض تنقسم إلى سائل يدعى لابة وغازات تتصاعد في الجو ) وهذه قد تغطي مساحات شاسعة فوق سطح الأرض.
وتسمى هذه العملية طفوح الشقوق. وفي العادة تتراكم عدة دفقات من اللابا فوق بعضها مشكله ما يسمى سهول اللابة أو سهول البازلت ( كما هو الحال في منطقة الأزرق من الأردن ). ومن الجدير بالذكر أن ما يساعد اللابة على الانسياب فوق سطح الأرض وانتشارها جانبياً لتغطية مساحات كبيرة هو كونها قاعدية ( بازلتية ) وبالتالي قدرتها العالية على التدفق أو الإنسياب بسبب لزوجتها القليلة. وهكذا نرى أنه ينتج من نشاطات طفوح الشقوق صخور البازلت سوداء اللون.
النشاطات البركانية :
براكين الدروع :
تشاهد هنا خروج الماغما من حجرتها ووصولها إلى سطح الأرض وتم خروجها من فتحة ما وانتشارها في جميع الاتجاهات . وبعد تبريدها السريع نسبياً يَتَكوِّن دفقاً أو انسياباً من البازلت. وبعد فترة زمنية يتكون انسياباً جديداً فوقه . وهكذا تتكرر العملية حتى يتكون جسم البركان المؤلف من انسيابات بازلتية متعاقبة, والذي يمتاز بقاعدة ذات مساحة كبيرة وجدران ذات مَيَلان طفيف. ولو نظرنا لهذا البركان من أعلى لوجدنا شكله يشبه الدرع تقريباً لذلك سمي بركان الدروع.
لونظرنا إلى السطح العلوي لإحدى انسيابات اللابة هنا أو حتى في طفوح الشقوق , قد نجد هذا السطح العلوي أملس ولكن شكله كالحبال الملتوية بسبب تصلب السطح الخارجي للابا المتحركة ، بينما تكون الأجزاء الوسطى والسفلية من هذه الانسيابات اللابية سائلة, فتتجعد أو تلتوي قشرتها الخارجية فيظهر شكل الحبال الملتوية. ويسمى هذا النوع من اللابة باهيوهو كما تشاهد . والنوع الثاني لانسيابات اللابة يسمى آه آه ويتكون من سطح خشن به قطع صلبة ذات حواف حادة وشوكية.
وما يميز براكين الدروع وطفوح الشقوق هو خروج الماغما البازلتية من الفوهة أو الشق بهدوء نسبي وعدم حدوث انفجارات بركانية. وسبب ذلك يعود إلى أن الغازات البركانية المذابة في الماغما تنطلق بسهولة إلى الغلاف الجوي عند وصول الماغما إلى سطح الأرض تبعاً للزوجتها القليلة وعدم احتباسها لهذه القارات البركانية.
النشاطات البركانية :
مخاريط التجمع :
تشاهد هنا أن جسم هذا البركان مخروطي , صغير الحجم بشكل عام, ولكن جدرانه ذات ميلان حاد. يتكون مخروط البركان من قطع صخرية نتجت من اندفاع الماغما في الهواء خلال النشاط البركاني. وسبب اندفاع الماغما في الهواء يعود إلى الغازات والماء المذاب في الماغما عند وجودها تحت سطح الأرض تبعاً للضغط الكبير الواقع عليها والذي يحصرها ويبقيها مذابة في الماغما. وعند وصول الماغما لسطح الأرض يقل الضغط الواقع عليها فتتحرر الغازات فجأة وتنطلق إلى الغلاف الجوي, كما يحدث للغازات في المشروبات الغازية ، وعند فتح الغطاء وتقليل الضغط عليها تخرج على شكل فقاعات غازية.
وفي بعض الحالات تخرج الغازات من الماغما فجأة وبعنف مسببة انفجاراً بركانياً, خاصة إذا كانت الماغما حمضية أي ذات لزوجية عالية, حيث تعمل السيليكا على إعاقة خروج الغازات المذابة في الماغما.
ولكن ماذا يحدث للماغما المتطايرة في الهواء ؟
إنها تبرد سريعاً في الهواء بسبب الفرق الكبير بين درجة حرارتها وحرارة الهواء, فتتصلب وهي في الهواء وتكون مواد صلبة تسمى المواد النارية الحطامية والتي تهبط إلى سطح الأرض بفعل الجاذبية الأرضية وتتجمع إما قريباً من فوهة البركان إذا كانت كبيرة الحجم, أو تنتقل بعيداً بفعل الرياح إذا كانت صغيرة الحجم.
وعلى كل حال يمكن تصنيف المواد النارية الحطامية إلى عدة أنواع حسب حجمها. فأصغرها حجماً يتراوح ما بين حجم حبات الدقيق أو الغبار إلى حوالي ( 2 ملم ) في القطر ويسمى الرماد البركاني. والنوع التالي الأكبر من ذلك يصل حجمه إلى حجم حبات البازلاء ويسمى اللابيلي أو يسمى السيندر إذا وصل إلى حجم حبات الجوز. أما إذا زاد الحجم عن ذلك فتسمى المواد النارية الحطامية قنابل أو مقذوفات بركانية التي تمتاز بشكل مغزلي مما يدل على اندفاعها في الهواء وهي ما زالت مادة سائلة.
والآن من الطبيعي أن تتجمع المقذوفات والقنابل البركانية بالإضافة إلى السيندر واللابيلي بالقرب من فوهة البركان, وبسبب الحرارة السائدة هناك فإنها تلتحم مع بعضها بعضاً وتكون جسم البركان المخروطي الذي يدعى بركان التجمع.
لاحظ أن القناة في أسفل فوهة البركان والتي تمر خلالها الماغما من الحجرة إلى فوهة البركان قد تغلق بفعل الماغما الحمضية ذات اللزوجة العالية. وبذلك يتوقف خروج الماغما من الفوهة. ولكن الماغما تحاول الصعود باستمرار من حجرتها مما يولد ضغطاً متزايداً من الغازات المحصورة فيها. ويتزايد هذا الضغط إلى أن يصل إلى مرحلة يزيد عن قوة تحمل السدادة الصخرية التي تغلق قناة البركان, وهنا تتكسر هذه السدادة الصخرية وتنطلق الماغما ذات الضغط العالي من تحتها وتندفع إلى الجو فجأة مسببة الإنفجار البركاني. إذاً نستطيع القول أن براكين مخاريط التجمع هي من النوع الذي يصاحبه انفجارات بركانية.
النشاطات البركانية :
البراكين المركبة :
تشاهد هنا البركان المركب الذي يتكون من تعاقب انسياب اللابة مع طبقة من المواد النارية الحطامية. وعادة ما تكون اللابة المنسابة من فوهة البركان حمضية ذات لزوجية عالية مما قد يؤدي إلى إغلاق قناة البراكين وبالتالي إلى انفجار بركاني, وتتراكم نواتجه من المواد النارية الحطامية فوق طبقة اللابة, ثم يعود خروج اللابة الحمضية من فوهة البركان وانسيابها فوق طبقة المواد النارية الحطامية , وهكذا يتشكل جسم هذا البركان. ويعد هذا النوع من البراكين من أخطر الأنواع, لأنه لا يعرف هل النشاط التالي هو خروج اللابة بهدوء أو حدوث انفجار بركاني.
نشاطات الماغما الجوفية :
قد لا تتاح الفرصة للماغما للوصول إلى سطح الأرض, بل ترتفع بداخل القشرة الأرضية ثم تنتشر جانبياً بين صخورها كما تشاهد هنا حيث تبرد تدريجياً خلال زمن أطول من زمن تبريد الماغما التي تصل لسطح الأرض.
ويعود ذلك إلى الفرق الأقل بين درجة حرارة الماغما ودرجة حرارة الصخور التي تستقر بينها والبعيدة عن سطح الأرض, تبعاً للمعامل الحراري الأرضي ( أي ارتفاع درجة الحرارة بازدياد العمق ).
ولذلك تمتاز الصخور الناتجة في هذه الحالة والمسماة الصخور النارية الجوفية بنسيج ( حجم وطريقة توزيع البلورات ) خشن يتكون من بلورات كبيرة الحجم يمكن رؤيتها بسهولة بالعين المجردة, بينما تمتاز الصخور النارية السطحية بنسيج ناعم يتكون من بلورات ناعمة أو صغيرة الحجم كما تشاهد لماذا؟؟
إن التبريد البطيء للماغما بداخل القشرة الأرضية يعطي الفرصة والزمن الكافي للعناصر المختلفة الموجودة في الماغما أن تتجمع وأن ترتبط لتكون أنوية المعادن السيليكانية المختلفة, ثم تتجمع ذرات جديدة حول هذه الأنوية أي أن هذه الأنوية تكبر في الحجم وتكوِّن بلورات كبيرة. أما في حالة الماغما التي تصل لسطح الأرض فإنها تبرد بسرعة ولا تتاح الفرصة لعدد كبير من ذرات العناصر المكونة لها بالتجمع والارتباط مع بعضها , وهكذا تتكون أنوية بلورات صغيرة فقط قد لا ترى بالعين المجردة, أو حتى قد تتصلب الماغما بسرعة كبيرة جداً بحيث لا تتاح الفرصة على الإطلاق للعناصر بأن تتبلور ( تتجمع على شكل بلورات ) وهنا يتكون ما يسمى بالزجاج البركاني.
طبيعة الصخور النارية الجوفية :
تشاهد هنا أشكال الصخور النارية الجوفية والتي يمكن تصنيفها إلى نوعين, نوع يوازي أو يتفق مع الصخور الرسوبية التي توجد بينها, ونوع لا يوازي أو غير متفق مع الصخور الرسوبية.
أما النوع المتوافق ويسمى الجذة أو القاطع الأفقي فقد يوجد على شكل جسم مسطح ( له سطحان متوازيان وبنفس الوقت يوازيان الطبقات الرسوبية أعلاها وأسفلها ) . وقد يوجد على شكل جسم ذا قاعدة مستوية وسطح علوي محدب لأعلى أي أنه يشبه الفطر ويسمى لاكوليث. والنوع الثالث من الصخور النارية المتوافقة هو الأبوليث الذي يتكون من جسم له قاعدة مقعرة لأسفل وسطح علوي مستوى .
ترى ما سبب تكون اللاكوليث واللابوليث؟؟
عندما تدخل الماغما بين سطوح الطبقات الرسوبية فإنه اعتماداً على كثافتها يتكون إحدى هذين النوعين. فإذا كانت الماغما حمضية ذات كثافة منخفضة ( سبب كمية السيليكا العالية فيها ذات الوزن النوعي الأقل من عناصر الحديد والمغنيسيوم ) أقل من كثافة طبقات الصخور أعلاها فإنها تحاول الصعود لأعلى بسبب خاصية الطفو , مما يؤدي إلى تحدب الطبقات الرسوبية أعلاها. وأماإذا كانت الماغما قاعدية ذات كثافة أعلى من الصخور تحتها فإنها تغوص إلى أسفل وتسبب تقعر الصخور أسفلها وبالتالي يكون سطحها السفلي مقعر لأسفل.
أما الصخور النارية الجوفية غير المتوافقة فهي تقطع طبقات الصخور الرسوبية فوقها وبجانبها . فقد تأخذ شكلاً مسطحاً أو جسماً له سطحان متوازيان ويقطعان الصخور الرسوبية يسمى هنا القاطع قاطعاً رأسياً . والشكل الآخر من الصخور النارية غير المتوافقة فهو الباثوليت, وهو جسم كبير جداً يقطع طبقات الصخور الرسوبية بشكل غير منتظم كما تشاهد . والباثوليت يشكل نواة السلاسل الجبلية الكبيرة وحتى نواة القارات.